لماذا خذل الصينيون الشعب العربي في سوريا ؟

   الصينيون يريدون الامدادات النفطيه الايرانيه ويريدون ورقة ضغط مناسبه يلعبونها مع الولايات المتحده التي تقود النظام العالمي في اطار تحول الصين الى قوة دوليه متصاعده . والايرانيون مقابل ذلك يريدون مجموعه من الاهداف الاستراتيجيه اهمها استمرار البرنامج النووي  الايراني ومبيعات السلاح والتجارة وتطوير البنيه التحتيه الايرانيه والاهم من ذلك كله الدعم الصيني في مجلس الامن والغطاء السياسي والدبلوماسي العالمي  للتصرفات الايرانيه نحو ما يمكنها من تحقيق اهدافها كقوة شرق اوسطيه هائله . ولهذا فان الصينيون سيذهبون مع الايرانيون فيما يريدونه من ترتيبات في المنطقه العربيه وسيوفرون الغطاء السياسي لهذا الدور . سياسة ايران في المنطقه العربيه  وفي منطقة الشرق الافريقي واضحه للعيان فما بدأ منذ سنين على انه نشاط خيري لدعم الفئات الفقيرة من الطائفة الشيعيه العربيه  وما تفائلنا به خيرا عند قيام الثورة الايرانيه شيعة وسنة نحو قيام نظام سياسي يذود عن الحق العربي الاسلامي  ويحارب الطواغيت في الارض , تحول الى تنظيمات مسلحه لتقويض الحكومات العربيه والفت في عضد المجتمع  العربي بالصراع المذهبي الداخلي تمهيدا للوصاية الايرانيه على انظمة حكم عربية الوجه ايرانية الجوهر .  وهذا ما لمسناه من الحاكمين في العراق والحاكمين الفعليين في لبنان  والحاكمين في سوريا الذين احتوتهم ايران وادمجتهم بحركة ذكية للمذهب الديني الرسمي لايران على الرغم من اختلاف المذهب  وللمخطط الاستراتيجي الايراني في المنطقة العربيه ومما يثير الاستغراب ان ما بدأ في سوريا على انه بعث عربي منذ سنين طويلة تحول بقدرة قادر الى بعث ايراني صارخ   ومن المفارقات العجيبة ان العائلات العربيه الاحوازيه التي لجأت الى العيش في سوريا هربا من الطاغوت الايراني  يوم كانت سوريا ترفع شعار سوريا لكل العرب , سلمت هذه العوائل الى النظام الايراني ليفعل فعله بها  تحت صمت عربي بارد الاعصاب عاني منه الاحوازيون دهرا طويلا. وحيث ان الحكومات العربيه الحاليه  بشكل عام هي حكومات تقوم على الشلليه والعوائليه  والانتهازيه قصيرة المدى وليس على حكم رشيد يقوم على مؤسسات مجتمعيه واعيه للاخطار المحدقه بها و تستطيع ان تترجم الاهداف القوميه الى استرايجيات تنمويه تحقق عدالة اجتماعيه تكرم الفرد ايا كانت طائفته او مذهبه الديني  واستراتيجيات عسكريه ذا بعد قومي تذود عن الكرامه العربيه التي تغاضت عن المذبحه التي قادها النظام الطائفي في سوريا منذ شهور عديدة على مرأى ومسمع منا جميعا كان آخرها الرحله الهزيله  المبعوثه لسوريا من الجامعة العربيه , المنظمه العربيه التي امتدت اعاقتها لسنين طويله وانتفضت فجأة كاستفاقة ما قبل الموت السرمدي . وكأن الدم المراق على الارصفه السوريه لا يعنينا حتى يتضح الموقف العالمي حوله  وعندما تحسم المفاوضات التحتيه ما بين اللاعبين الكبار في المنطقه . فاذا تمخضت هذه المحاورات التحتيه عن موقف دولي  يتجه نحو تغطية  جويه للشعب السوري الاعزل  سنتحول نحن العرب فجأة  الى حالة اشاوسيه عنتريه على الرغم ان جل التضحيات ستقدم من السوريون وحدهم كما دفع الليبيون ثمنا غاليا  للتخلص من الجبروت القذافي  . كذلك فان  الدم المراق في شوارع سوريا  من باب اولى  لا يعني اللاعبين الكبار في المنطقه بل لو كان مسح الجنس العربي من الخريطه ممكن في اللحظة الراهنه لكان ما  ابرده على قلوب الامم وان كان مثل هذا المسح ممكن تقنيا ما بين الترسانه النوويه الايرانيه  المتعاظمه والترسانه النوويه الاسرائيليه . ولهذا فان المحاورات الدوليه التحتيه تطبخ على نار هادئه دون عناية مباشرة بالمجزرة الانسانيه في سوريا  وذلك حتى يتفق على ترتيب المصالح الدوليه .
 ان الآمال الايرانيه تتعدى  الجزر العربيه  المحتله والاطماع في البحرين والهلال العربي الخصيب وخاصرة الجزيره  العربيه ,اليمن , الى الشمال العربي الافريقي والشرق الافريقي العربي ولا ندري من اين ستأتي اكلة الشعب العربي اولا , من العدو الاسرائيلي لتحقيق اسرائيل الكبرى ام من المخطط الايراني المتصاعد لتحقيق ايران الكبرى برداء اسلموي  يخاطب الجموع العربيه التي انهكها الظلم الاجتماعي والجهل والفقر ولكن هذا الرداء البراق تلتحفه روح آرية, زاراديشتيه قوميه عارمة . تتنافر ايران واسرائيل  مرحليا ولكنهما يتكاتفان استراتيجيا  للحول دون قيام دولة عربيه وحدويه تقف امام  التوسع الاسرائيلي والتوسع الايراني .  يصف جون التيرمان , الذي كان عضوا في دراسة استراتيجيه حول العراق , حالة العداء المعلنه  حاليا بين ايران واسرائيل على النحو التالي :
" من الجدير بالذكر ابتداءا , الخيط الواضح مابين  مابين جهود ايران في الشرق (الادنى ) ومعارضة ايران لاسرائيل . قد يتسائل المرء عن حاجة ايران لمعارضة اسرائيل ؟ . ايران هي دولة ذات اغلبيه شيعيه فارسيه  لا هي عربيه ولا هي سنيه . في ما مضى كانت القدس مدينة ذات اهميه في تفكير السنة اكثر مما هي من اهمية في تفكير الشيعه  وقبل الثورة الايرانيه في عام 1979 كان العداء لاسرائيل  بدرجة اساسيه هو قضية عربيه بحته  لا هو قضية فارسيه ولا هو قضية اسلامويه - عبر قوميه . الحكومه الايرانيه , في تقديري , تستخدم العداء ضد اسرائيل كأداة استراتيجيه تفتح بها الباب للقوة الشيعيه الفارسية اللغه  في القلب العربي السني . بدعاية العداء لاسرائيل وبدعم مهاجمي اسرائيل  تريد الحكومه الايرانيه ان تظهر للساخطين العرب على الحكومات في الوطن العربي انها أكثر شجاعة من حكوماتهم وانها اكثر صدقا لمشاعرهم من حكوماتهم العربيه . حكومة ايران تريد اخفاء حقيقة انها  حكومه اجنبيه بما لها من طموح للسيطرة الاقليميه بطرح نفسها كقوة اقليميه فاعله ضد الامر الواقع  وبانها معارض لا يهاب من قول الحقيقه في الوقت الذي تنكمش فيه الدول الاخرى  الخاضعه للحمايه الامريكيه "[1]

الحقيقه ان الحمايه الامريكيه ليست دائمه  لمن يحتمي بها فهي ليست دائمة لان التاريخ اثبت ان الامريكان لا يحسنون معاملة اصدقائهم القدامي حين تنتهى ادوارهم وهذا ما رأيناه من  تخليهم عن الروساء الذين نفذوا مخططاتهم في منطقة الشرق الاوسط  ( حالة الشاه  مثلا) ومؤخرا السماح بقتل رؤساء الدول الذين تحالفوا معهم بطريقة بونوجرافية سمجه عوضا عن احالتهم لمبدأ القانون  او القانون المنزه عن الدعايه الاعلاميه  ( شنق صدام و قتل القذافي ومسرحية مبارك في القفص ) . الامر الاخر الذي سيجعل الحماية الامريكيه عمله نادرة هو ما بينه  احد التقارير الذي اصدرته مؤسسة راند عن الاتجاهات السياسية والاقتصادية التي ستتبلور في العقدين القادمين  في عدد من الدول  وعلى رأسها الولايات المتحده [2]. تقول راند انه  ستبدأ عجلة تخفيض الانفاق العسكري في الولايات المتحده بسبب  التغيرالديموغرافي الداخلي  بتصاعد كتلة  كبار السن  في المجتمع الامريكي مما يعني المزيد من النفقات الاجتماعيه خلال العشرين عاما القادمه وعلى الرغم من ان الولايات المتحده ستبقى على تفوقها العسكري والاقتصادي الا ان اولوياتها ستتغير ولا يجب ان نكون تحت رحمة تغير الاولويات الخارجيه لامريكا .  كذلك فان اعتماد الصين على مصادر الطاقه الخارجيه سوف يرتفع  ونحن اولى ان نلتقف هذه الحاجه الصينيه لاضفاء نوع من التوازن في الموقف الصيني ازاء القضايا العربيه المصيريه  خاصة واننا في دول الخليج نمثل الخط الدفاعي الاول امام النوايا الايرانيه غير الصديقه ونضع بيضنا كله في سلة واحدة تحركها مصالحها الاستراتيجية  ووسائل تنفيذها المتغيرة عبر الزمن .


Popular Posts